Tiaret, Aïn-Dzarit, 1961, Zaouia de Sidi Saâd, La Bataille, par Mansour Méhidi, معركة زاوية سيدي ساعد

Publié le par Laïd Sahari

5815

 

معركة زاوية سيدي ساعد 1961

ببلدية عين دزاريت ولاية تيارت

بقلم الأستاذ : مهيدي منصور

في منطقة زاوية سيدي ساعد التي تبعد عن بلدية عين دزاريت 6 كلم جنوبا ، يوجد ضريح هذا الولي الصالح سيدي ساعد الذي أبعده الموت عنّا يوم01 مارس 1954عن عمر يناهز 96 سنة مفارقا الحياة منتقلا إلى الرفيق الأعلى الذي منحه كرامات في دنياه، وأعطاه براهين ونفحات ، التي شهد لها العدو قبل الصديق ، والمستعمر قبل أهل المنطقة ، كانت زاوية الشيخ قبلة لحفظة القرآن والأئمة والصالحين ، ومنبرا للتصافح والتسامح وزرع الخير بين المتخاصمين ،ووكرا للإيواء وإطعام الفقراء والمساكين، ليس فقط لأهالي المنطقة ، بل كانت مزارا لكل الشعب الجزائري وحتى من أبناء المغرب وتونس، ولم يقتصر دور الزاوية على هذا العمل فحسب بل تجاوزه إلى العمل السياسي والتنظيم الثوري ولعبت الزاوية دورا رائدا في العمل المسلح ..

وكما يعلم الجميع أن أحزاب الحركة الوطنية كانوا ينشطون أينما تزداد كثافة الشعب حتى لا ينكشف عملهم السري من قبل المستعمر، ويكونون بمنأى عن البياعة والحركة ،هذا من جهة ومن جهة أخرى حتى يتسنى لهم الاتصال والتأثير المباشر على الشعب بسرية تامة ، فكانت الزاوية بمثابة الحلقة الهامة بين التنظيم السري والقاعدة(الشعب).

فزاوية الشيخ سيدي ساعد لم تستثن من هذا العمل الثوري المنظم ، فكانت مزارا وقبلة للعديد من أعضاء أحزاب الحركة الوطنية ،وهذا ما حتّمه النضال الثوري آنذاك، نذكر من بينهم ساعد دحلب ،قادة بوتارن ، والشهيد قايدي احمد ، وأعضاء من الحركة الوطنية من كل أنحاء الوطن الذين كانوا يترددون على زاوية الشيخ كلما تحتّمت الظروف ،وكانوا يتبادلون جريدة البصائر الصادرة عن جمعية العلماء المسلمين من قسنطينة التي كانت محظورة آنذاك من قبل المستعمر الفرنسي .

وإبّان ثورة التحرير1954انطلقت أول رصاصة بجبل الاوراس الأشم ، ثم اتسعت عبر أنحاء الوطن شيئا فشيئا، إلى أن مست كل شبر من هذا الوطن العزيز،وكانت بلدية عين دزاريت واحدة من البلديات التي تأثرت أيمّ تأثر بسياسة المستعمر القاهرة والداعية إلى التنكيل والتعذيب وتجويع الأهالي ، ومصادرة أراضيهم .

ومن جانب آخر كان تأثر مناضلي المنطقة بالخلافات التي وقعت بين قيادات الثورة آنذاك والمصاليين الذين تعصبوا لاتخاذ قرار الإعلان عن ثورة التحرير وهذا ما أكدّه مرسول من قيادات عين الصفراء عن القيادات الأعلى للجبهة ، وهذا الامر لم تتقبله قيادات جبهة التحرير الوطني وحاولت قطع الطريق أمام المصاليين والتصدي لهم حتى يأخذ المسار الثوري اتجاها واحدا ،وتحت قيادة واحدة ألا وهي جبهة التحرير الوطني .

وتجمع كل الأقوال و الشهادات على أن معركة الزاوية انطلقت في حدود الساعة الواحدة مساء يوم الاثنين من أيام خريف 1961 ، بعد مرور أسبوع على وفاة زوجة صهر شيخ الزاوية (مسعودي العيد)، مما جعل الزاوية في هذه الليلة مكتظة بالزوار والمعزين الذين قدموا إليها من كل فجّ وصوب .

وفي صباح يوم الاثنين استيقظ الأهالي على تشويش الطائرات الحربية الاستكشافية ،المحلقة في السماء ، وهم يجهلون سبب هذه العملية التي تعتبر الأولى من نوعها في هذه المنطقة المسالم أهلها.

وفي هذا اليوم بالذات وبالضبط في منتصف النهار، قام الجنديان سي بغداد وڤرادي بشير بعملية فدائية في منطقة قسني ، وعاجا بعدها مباشرة إلى بستان وأراضي مخصصة للخضروات قرب زاوية سيدي ساعد ، أين تتواجد بها كازمة تحوي على ذخيرة حربية ومجموعة من الأسلحة وبنادق صيد وقنابل يدوية ، ووثائق سرية خاصة بالثورة ،وهناك كازمة ثانية محادية لزاوية الشيخ مغطاة بكمية هائلة من الحطب ، ليتفطن لها المستعمر ،ويتم حرقها فيما بعد.

 

وبعد ساعة من الوقت قدم المجاهد سي عمار المدعو (الڨيرة)- تمت الإشارة إليه في العدد الثاني من هذه المجلة- الذي كان يمثل الناحية العسكرية الرابعة رفقة المجاهدين دحاحمة مصطفى من عرش السعودات وتازي ميمون الذي كان رجلا مثقفا ينحدر من مدينة وهران،والشيخ الملياني من منطقة السحاري الغرابة (منطقة حرملة) ،والجندية نصيرة قادمين من سويڤر مركز الحاج عبدالقادر بوخبزة رحمه الله متجهين نحو زاوية الشيخ سيدي ساعد ، هاربين من قوات الجيش الفرنسي الذي كشف أمرهم النضالي ،المدجج بالأسلحة و بأسراب من الطائرات العمودية المقنبلة التي بلغ تعدادها تسعة طائرات، وبعد الاتصالات المكثفة بين كل الكتائب الاستعمارية حوصرت الزاوية من كل الجهات .

وحسب شهادة المجاهد وابن شيخ الزاوية الحاج بوزيان ،أن المجاهد سي عمار بقي خارج أسوار الزاوية ينتظر الجيش الفرنسي بكل بسالة بمفرده ، بينما بقية المجاهدين دخلوا إلى الزاوية ،و المجاهدان سي بغداد وڤرادي بشير بقيا متخفيان بين أشجار الخضروات ،خوفا من أن ينكشف أمرهما .

سخر الجيش الفرنسي كامل إمكانياته المادية و البشرية ( عساكر طائــــرات، دبابات مصفحة…..) وقنبل المكان بصورة مروعة و مكثفة بالطائرات العمودية ، وبعدها شرعت القوات البرية في التقدم تحت الحماية الجوية و كتائب الدبابات والعربات المصفحة في مختلف الاتجاهات اعتقادا منهم أن كتيبة بأكملها موجودة داخل الزاوية.

فاشتعلت الزاوية بكاملها نارا و أوبلت بالرصـــاص و القنابل و المتفجرات و استبسل المجاهدون و ألحقوا المستعمر خسائر مادية وبشرية في صفوفه وواصلوا ضغطهم عليه إلى غاية الساعة السادسة مساء، مما جعل المستعمر يكثّف من عملية القصف ،حتى انهالت جدران وأسوار الزاوية بأكملها، وأسفرت على استشهاد البطل الفذّ سي عمار الڤيرة رفقة دحاحمة مصطفى ،والجندي الشيخ ، ونايلي أحمد، وسي الزوبير اللذان كانا من أهل الزاوية وأصيب الطالب سي عيسى بجروح بليغة،ولم يبق من الجنود الأحياء داخل الزاوية سوى الجندية نصيرة والمجاهد تازي ميمون الذي قرر هو الأخير الشهادة ، ولجأ إلى حيلة ذكية مدعيا الاستسلام رافعا يديه إلى السماء وبيده قنبلة يدوية ،وعند اقترابه من أفراد الجيش الغاشم رماها محققا نصرا مبينا بمقتل حوالي خمسة جنود من بينهم ضابط فرنسي .

وبالنسبة إلى سي بغداد وڤرادي البشير بقيا يترصدان قوات الجيش ، حتى هدأت الأمور ، فقرر سي بغداد الاتجاه نحو" فيرمة باروس "ونجا بأعجوبة من كيد المستعمر ، بينما المجاهد قرادي بشير واجهم وجها لوجه ولم يخش الموت وفضل الاستشهاد لما رآه وسمعه من كيد الغاشم ،فطلق عدة طلقات ببندقيته ،لتسقطه يد الغدر شهيدا لافظا آخر أنفاسه بالشهادة .

وبعد مغيب الشمس تم تهريب الجندية "نصيرة" التي لازالت على قيد الحياة بمدينة وهران ،بطريقة درامية بعد أن خلعت الزي الثوري ، ولبست ثياب عادية حاملة بين ذراعيها ابنة الشيخ الحاج بوزيان هاربة اتجاه منطقة مركونة، وفي اليوم الموالي تمّ القبض على الحاج محمد بن الشيخ سيدي ساعد ،بسجن عين دزاريت رفقة أصحابه الثمانية مدة خمسة أيام .

وبينما الشيخ الحاج بوزيان أنهى تلك الليلة النكراء مشيا على الأقدام متجها إلى الولاية الرابعة للاستخبار على هذه المعركة ومصيره منها، وبعد ذلك تبيّن له أنه غير معني بهذه العملية ،وغير متابع من قبل المستعمر الفرنسي.وانتهت معركة الزاوية التي تعتبر المعركة البارزة في منطقة السحاري .

 

" إذا الجزائر بالسلاح أستعمرت فالجزائر بسلاحها ورجالها تحررت "

ملاحظة: كل هذه المعلومات الواردة منقولة على لسان الشيخ المجاهد الحاج بوزيان  

يوم:22جوان 2012 عين الشقيقة – عين دزاريت - تيارت

Publié dans histoire تاريخ

Commenter cet article