و كان اللقاء، بقلم محمد قندوز

Publié le par Mohamed-Laïd-Anas GUENDOUZ

و كان اللقاء، بقلم محمد قندوز

Art. 4272

.كان سائحا فوق العادة في براثن الآلام ، متسكعا لطيفا لا يلفت الانتباه ، منذ طفولته كان يحلم بكتلة بشرية تحضنه ، لم يذق هذا الطعم قط ، كان موطنا مشجعا لكل معاني الاهمال ، و رغم صغره كان لا يأبه بلطمات الامواج ، و كانه ولد في أعماق المحيطات ، و في يوم من الأيام حدث له أمر غريب ، اهتز شيئ فيه ، انه قلبه الذي ولد في تلك اللحظة ، حدث اخلط كل حسابات المخلوقات العجيبة التي كانت تسكنه و كبرت معه ، انها تلك الفتاة التي ما ان رآها حتى دخل عالم الاحياء فعلا ، أحس بنور الحياة و كانه رضيع بشري يصيح بصيحات الحياة لاول في مرة في حياته ، كانت جميلة جدا ، تدرس بالثانوي ، متفوقة جدا الاولى في كل دفعاتها ، ابنة حسب و نسب ، أراد أن يكون له أول نصيب من الحياة ، فكان العاشق و المعلم في آن واحد ، لم يكن يعلم في بادئ الامر أن الاحساس متبادل ، و انه قد لفت انتباهها من أول نظرة ، فقد كان مخلوقا لا يعرف طعم الحياة ،و لا يدرك الشيئ الجميل منها ، و كيف انه كان محل اهتمام من أروع شيئ في الوجود ، حدث اللقاء على الورق و كانت أول رسالة من طرفه تتقاطر عرقا تختلج خوفا من لفظ العالم الجميل له ، و بعد يوم كانت رسالة الحياة الاولى قد دقّت أبواب قلبه تحمل الورود و تفوح بعطر الحياة الجميل ،كان ذلك اليوم من أحسن الايام في حياته ، و توالت الرسائل تلو الرسائل ، و نشأ بينهما حب طاهر حارت له المخلوقات ، فيه الصدق و المشاعر النبيلة و الاحلام الكبيرة رغم صغرهما ، كان عشرينيا ، يافعا كبيرا لما رأى في حياته تلك القصيرة ، خرجت القصة الى العلن ، و صلت الى أسماع القوم ، كبار القوم ، حدثت الطوارئ و دبر لهما شيئ في الخفاء ، كانت المسكينة أول ضحية لتلك المؤامرات ، كيف لبنت متفوقة و الاولى في الثانوي ان تنتبه لمثل هكذا اشياء ؟؟؟؟ انه يريد ان ينحرف بحياتها الى أشياء تافهة و يجب علينا توقيفه باي وسيلة كانت !! انه حديث كل الاساتذة ، الزملاء الذين كان يربطهم به مكان عمل مشترك ، كان موظفا تقنيا خلوقا يحب الجميع و هو لا يعلم أنه على سفح الجبل و محل أنظار الجميع ، كانت اول ضربة لهذا الشيئ الجميل الذي راى النور ، احدهم ... أي الاساتذة ... قد وضع ملاحظة على كشف النقاط الخاص بها طعن في اخلاقها ؟؟!! و كانه بهذا الفعل المشين قد وضع و متعمدا نقطة حبره الوسخة على صفحة ناصعة البياض ، اشتد غضبه لما علم بالامر ، و كانت المهمة ليلا ، دق بابه ، تبادلا التحية ... و أي تحية ...قد عاد الى حياته البرية في تلك اللحظات، نسي أنه قد أصبح منهم ، وكاد أن يتحول ذلك الاستاذ الى قصة مؤلمة لولا ان الله ستر ، فقال له ... ما هو الشيئ اللا أخلاقي الذي جعلك تطعن في تلك التلميذة في كشف نقاطك ؟؟؟ فبهت الذي كفر ، تمت تسوية الامر ، و كان لزاما ذلك ، توالت المؤامرات و لم ييأس القوم ، أراد أن يتقدم الى خطبتها رغم كل الرياح العاتية ، و لكن تسارع الاحداث و توالي الضربات تباعا ، لم يصمدا لهول الحدث ، فكيف لبنت في مستواها و اخلاقها و تفوقها لا تكون حديث الجميع ، و كانت فعلا الشغل الشاغل للكل ، و كيف لشيئين متميزين أن ينجوا من شرور المتأمرين ، الى أن تمكنوا منهما و كانت المهمة ناجحة بالنسبة لهم وجاء ذلك اليوم المشؤوم و انفصلا ... تحت النيران ؟ تحت القصف المتواصل و من هوادة !! ذهب مكسور الخاطر بعد أن أصبح بشريا و لكن من دون احساس صادق ، و هو بذلك قد تلقى أول درس بشري ... لا يجب أن تكون صادقا مع الجميع ....انزوى على نفسه و هو يكبر و يكبر مع البشر و يقول في قرارة نفسه كنت سعيدا في حياتي الاولى ،لم أكن أعرفهم ... و لما اندمجت في حياتهم سرقوا مني أجمل شيئ في حياتي ، ذهبت المسكينة الى عالمهم ، نجحت في الباكالوريا بعلامة جيد جدا ... أكملت دراستها بالجامعة و هي تشق طريق النجاح في كل المجالات ، تحمله في قلبها دون كد أو تعب تعيش ذكراه التي كانت تلهمها لان تكون في قمم النجاح و كفى ، مرت السنين تلو السنين ، بل ما يفوق العشرون سنة ، كلاهما لم ينسى الاخر ، كلاهما كانت له محاولات جمة للتخلص من هذا الشيئ الجميل الذي ولد في يوم من الايام ، و لكن دون جدوى ، و كأني بهذا الامر كانسان قسم الى نصفين ، و كان كل نصف في حاجة الى الآخر ، شاءت الصدف أن يلتقيا ، في ظروف الكل منهما فعل به الزمن ما فعل ، كان الاندهاش و الحيرة و اكتشاف الحقائق الغابرة أيام الكر و الفر ، كان لقاءا و كانه بعد الفراق بيوم واحد !!!!! استرجعا أدق التفاصيل التي كانت تحوم مع رسائلهما المقدسة ، فقالت له و في خلسة منه لانه كان يلتهم في تفاصيل وجهها بنظرات الشوق و الألم ، هل تعلم أن كل من قاموا بتفريقنا ... تقدموا لخطبتي ؟؟ !! ... و لكنني رفضتهم لأجلك ؟؟؟؟هل تعلم ... و هل تعلم ... و هل تعلم ..... و كانت سيلا من انهار الحزن تتدفق كالفيضانات على مسامعه ...حينها تاكد أن من حباه الله بشيئ لا يستطيع أي بشري تافه أن ينزعه منه و ان طالت السنين .... و لهذا كان .... اللقاء ..... محمد قندوز .... تيارت .

Publié dans divers منوعات

Commenter cet article